الثلاثاء، 27 يناير 2015

ليلة لن أنساها


على بعد خطوات وقفت أنظر إليها
هل هي نائمة ؟
لا إنها مستلقية فقط على سريرها
هل نامت ليلتها الماضية ؟
لا أدري ..!
فقد كنت في تلك الفترة مرهقة إلى درجة أني لم أكن قادرة على مواصلة الليل بالنهار
جلست قربها وعلى وجهي ابتسامة الصباح :

أنا :  صباح الخير ماما .. عاملة ايه ؟
ايه مش عاية تردي علي ليه ؟
ماشي يا ستي ادلعي ادلعي براحتك

لكنها لم تنطق بحرف

أنا :  ماما .. ايه يا حبيبتي مالك ساكتة كده ليه ؟
طيب اعملك الفطار ؟
عايزة تاكلي ايه ؟

لكنها مازالت لا تستجيب

أنا :  طيب اعملك عصير ؟
ماما .. في ايه يا أمي مالك مش بتردي علي كده ليه ؟

ورغم كل محاولاتي فلا من مجيب
لا شيء سوى نظراتها الفاحصة لي
لا شيء سوى حديث طوييييييييييييييييل جدا
يتخفى وراء تلك النظرات
نظراتها لي وكأنما اجتمع فيها
الحب والشوق والزعل والعتب والألم والوداع

أنا :  ماما  في ايه ؟
إنتي زعلانة مني ؟

هي : .. لا
أنا :  طيب مالك مش بتردي علي ليه ؟
لكنها تعود إلى الصمت مرة أخرى
فأبدأ أنا مرة محاولاتي معها في الحديث
وما من مجيب

حرارتها ارتفعت
وارتفعت معها حرارة عقلي
ماذا أفعل ؟
وكل ما أفعله لا يجدي نفعاً

وتدور حياتي وتدور معها أفكاري
والحيرة تأخذ عقلي
 والألم يعتصر قلبي
وشيء هنا لا أعرف كنهه
يخبرني بما لا أريد أن أعرف

أدور وأدور كالنحلة
أرجو طبيباً ينقذها وينقذني من هذا الشعور القاتل بالـ......
لا   لا أريد أن أعرف 
كل ما أريده وما أتمناه في حياتي هو أن تكلمني
 أن ترد على أسلئتي 
أن تخبرني بأنها راضية عني 
أن تخبرني بأنها تحبني 
رغم كل ما جرى بيننا من خلافات 
أن تدعو لي 
أحاول وأحاول ، لكنها لا تستجيب 
فأعود لسؤالها مرة أخرى :

أنا :  ماما انتي زعلانة مني ؟ 
أنا دايقتك في حاجة ؟

هي : لا 
طيب في ايه مش بتردي علي ليه ؟ 

وأنهال على يديها أقبلها 
ما هذا ؟ 
بشرتها صارت ناصعة البياض 
ثقيلتان 
ألهذه الدرجة صارت غير قادرة حتى على تحريك يدها
أو مقاومة يدي ؟

ولم أفهم ما يحدث 
وما زلت أنتظر منها أن تكلمني 
ومازالت لا تفعل شيء سوى أنها تتفحص ملامح وجهي 
وذلك الحديث الطوييييييييييييييييييل جدا الساكن في عينيها 

ماذا أفعل 
أتصلت بخالتي التي كانت مريضة هي الأخرى
لكني لم أجد طريقا آخر أسلكه 

وحضرت ومعها بعض من بقية الأهل 
وجاء الطبيب ليخبرنا بأنها ...... تحتضر 
وأنا أتوسل له أن يخبرني بشيء آخر 

وأقبل الليل .. وأقبل معه اليأس 
وأنا مازلت أتوسل إليها أن تكلمني 
لكنها سافرت ، نعم سافرت في غيبوبة طويلة 
في الحقيقة لا أدري إن كانت طويلة أم قصيرة 
كنت أشعر بالإثنان معاً 
نعم لقد كانت غيبوبة لـ..ليلة واحدة 
أطول ليلة وأنا في انتظار أن تصحو وتكلمني 
الجسد الممدد أمام عيني لا يتحرك 
لا شيء سوى أنفاس تتأرجح ما بين صعود وهبوط 

وأقصر ليلة .. لأنها لم تنتظر ورحلت سريعاً سريعاً 
ماذا ؟ ... أمي رحلت ؟ 
لا أصدق نفسي وأنا أراها متمددة أمام عيني
والروح تنتظر كلمة بارئها لكي تخرج 
وأنا ألقّنها الشهادة في تماسك عجيب
لكنه يخفي وراءة إنهيار كامل يقبع في داخلي 
لا أصدق أني أراها وهي ترحل 

رحلت أمي وتركتني يتيمة كطفلتي اليتيمة 
وبقي السؤال الذي يكاد يمزقني :
أتراكِ رحلتِ راضية عني يا أمي ؟ 

لا أدري 
أسوأ شيء تصاب به في حياتك 
أن تعصف بك أهوال الحياة ولا تقدر أن تفعل حيالها شيء 

اليوم ما عاد بيدي شيء أفعله سوى أن أدعو لك يا أمي ...


اللهم ارحمها واغفر لها واجعل مثواها الجنة 
اللهم آمين 

ــــــــــــــــــــــ
مازلت أذكرك وأذكرها يا أمي وسأبقى 

تحياتي 

هناك 4 تعليقات:

  1. اللهم ارحمها وتقبلها بقبول حسن
    واحشرها مع الأنبياء والشهداء
    والصديقين وحسن أولئك رفيقا
    اللهم ارزقها الفردوس
    اللهم حرم جسدها على النار
    خالص تقديرى واحترامى

    ردحذف
  2. اللهم آمين يارب العالمين
    أشكرك أخي العزيز على كرم المرور
    تحياتي

    ردحذف
  3. اللهم ارحمها رحمه واسعه يارب العالمين وارحم امواتنا واموات المسلمين

    ردحذف
  4. اسوء شىء فى الكون اننا نفضل فاكرين لحظه مؤلمه بل مميته , لا نقدر نغيرها ولا نقدر نبطل نفكر فيها .. لأن اوانها فات وألمها عايش جوانا

    اللهم ارحم جميع موتى المسلمين يا رب واغفرلهم وصبر قلوبنا علي فرقاهم واجمعنا بهم فى جنتك يا رب

    ردحذف

أتدري ؟
تعليقك على هذه التدوينة بالسلب أو الإيجاب هو ما يجعل لكلام المشخصاتية قيمة :)